على ساحل ابن تيمية
من الذي عنده شغف بالمعرفة، وميل إلى العلم، وحب في الاطلاع، وهو لا يعرف ابن تيمية؟
من الذي لديه همة في المجد، وعزيمة في الخير، ورغبة في الصلاح، ثم لا يعرف ابن تيمية؟
عاشت بعض الدول خمسة قرون، ثم اندرست وذهبت فلا أثر ولا عين، ولكن هذا الجهبذ الأعجوبة بقي في ذاكرة الزمان، وقلب الدهر، قصةً فريدةً محفوظة للأجيال ترددها الألسن، وتترنم بها الشفاه. عاش سلاطين، ووزراء، وأغنياء، وشعراء، ثم ماتوا، فماتت معهم آثارهم، وعاش ابن تيمية بلا إمارة ولا وزارة ولا تجارة، لكن بقي معنا ومع الأجيال من بعدنا حياً في الضمائر، ماثلاً في النفوس، حاضراً في الدروس والمنتديات العلمية، ومجامع المعرفة، وصروح الثقافة.
ولن أفصل الكلام عن هذا الإمام فهو بحر لجي لكنه عذب، وهو محيط هادر لكنه فرات، وهل يستطيع المرء ــ ولو أجاد السباحة ــ أن يغوص في أعماق البحر، أو أن يهبط إلى قعر المحيط؟ كلا لا يستطيع، ولكنه يستطيع ــ فقط ــ أن يطل إطلالةً (على ساحل ابن تيمية)